صحة _ تحقيق إعلامي يكشف شركة أدوية هندية أغرقت غرب أفريقيا بعقاقير مخدرة

سبت, 02/22/2025 - 14:35

كشف تحقيق أجرته وحدة التحقيقات الاستقصائية بي بي سي آي، أن شركة هندية للأدوية تصنع مواد أفيونية، غير مرخصة ومسببة للإدمان، وتصدرها بشكل غير قانوني إلى دول في غرب أفريقيا، مما تسبب في أزمة صحية عامة كبرى خاصة في غانا ونيجيريا وكوت ديفوار (ساحل العاج)

 

وتصنع شركة أفيو للأدوية، ومقرها مومباي، مجموعة من الأقراص التي تحمل أسماء تجارية مختلفة ثم تعبئها بحيث تبدو وكأنها أدوية شرعية. لكن جميع هذه الأقراص تحتوي على نفس المزيج الضار المكون من: تابنتادول، وهو مركب أفيوني قوي، وكاريزوبرودول، وهو مركب يسبب ارتخاء للعضلات ومسكن للآلام العضلية، لكنهما يسببان الإدمان لدرجة أنهما محظوران في أوروبا.

 

يشار ــ في تحقيق إعلامي حصلت عليه "وكالة المنارة الإخبارية" من شبكة الــ"بي بي سي" _ إلى أنه من غير المرخص استخدام هذا المزيج من الأدوية في أي مكان في العالم ويمكن أن يسبب صعوبات في التنفس ونوبات صرع. ويمكن أن تكون الجرعة الزائدة منها قاتلة. وعلى الرغم من المخاطر، فإن هذه المواد الأفيونية تحظى بشعبية كبيرة كمخدرات تباع في الشوارع في العديد من دول غرب أفريقيا، لأنها رخيصة جداً ومتوفرة بصورة كبيرة.

 

عثرت خدمة بي بي سي العالمية على عبوات من هذه الأدوية عليها شعار شركة أفيو، وكانت معروضة للبيع في شوارع المدن والبلدات في غانا ونيجيريا وكوت ديفوار.

 

المخدرات: الفينتانيل يخلف دمارا أقوى من الهيروين 50 مرة

"الموجة الرابعة" من انتشار مُخدر الفنتانيل تضرب جميع مناطق الولايات المتحدة

المخدرات: المكسيك تقول إن "لديها دليلا" على تهريب الفنتانيل من الصين، وتطلب مساعدة بكين

وبعد تتبع مصدر هذه المخدرات حتى الوصول إلى مصنع أفيو في الهند، أرسلت بي بي سي عميلاً سرياً إلى داخل المصنع، متظاهراً بأنه رجل أعمال أفريقي يبحث عن مُوّرد للمواد الأفيونية إلى نيجيريا.

 

وباستخدام كاميرا خفية، صورت بي بي سي شخصاً يدعى فينود شارما، أحد مدراء مصنع أفيو، وهو يعرض نفس المنتجات الخطيرة التي وجدتها بي بي سي معروضة للبيع في غرب أفريقيا.

 

وفي اللقطات المسجلة سراً، أخبر العميل السري لبي بي سي المدير شارما بأن خطته هي بيع الحبوب للمراهقين في نيجيريا "الذين يحبون هذا المنتج". ولم يتردد شارما في القبول وأجاب: "حسناً"، قبل أن يشرح أنه إذا تناول المستخدمون حبتين أو ثلاث حبات في وقت واحد، فيمكنهم "الاسترخاء" ويستجيبون لإمكانية "الشعور بالنشوة."

 

وفي نهاية الاجتماع، قال شارما: "هذا ضار للغاية بالصحة"، لكنه استطرد بالقول إن "هذا هو العمل المطلوب في الوقت الحالي."

 

وتضر هذه التجارة بصحة ملايين الشباب في غرب أفريقيا وتدمر طموحاتهم.

 

وفي مدينة تامالي، في شمال غانا، يتعاطى العديد من الشباب المواد الأفيونية غير القانونية لدرجة أن أحد زعماء المدينة، الحسن ماهام، أنشأ فرقة عمل تطوعية تضم نحو 100 مواطن من أبناء المنطقة، مهمتهم مداهمة أوكار تجار المخدرات ومنع تداول هذه الحبوب في الشوارع.

 

يقول ماهام: "تستنزف المخدرات عقل الأشخاص الذين يسيئون استخدامها، بسرعة كبيرة مثل النار التي تشتعل بعد سكب الكيروسين عليها".

 

بينما قال أحد المدمنين في مدينة تامالي إن المخدرات "ضيعت حياتنا".

 

وتتبع فريق بي بي سي قوة المهام في مدينة تامالي، عند ركوبهم لدراجات نارية، بعد تلقيهم بلاغاً عن تسليم صفقة مخدرات، وتنفيهم مداهمة لمنع الصفقة في أحد أفقر أحياء المدينة. وفي الطريق مروا بشاب ملقى على الأرض في غيبوبة، وقال سكان المنطقة إنه كان قد تعاطى هذه المخدرات.

 

وقالت شبكة البي بي سي، في تحقيق صحفي نشرته زوال اليوم السبت، اختصرته "وكالة المنارة الإخبارية"، " تحقيقاً في أفريقيا عام 2018، حول بيع المواد الأفيونية كمخدرات في الشوارع، وبعدها حاولت السلطات النيجيرية السيطرة على أحد أكثر المسكنات الأفيونية انتشاراً، ويعرف باسم عقار ترامادول.

 

وحظرت الحكومة بيع الترامادول دون وصفة طبية، وفرضت قيوداً صارمة على أعلى جرعة مسموح بتناولها، كما فرضت قيوداً صارمة على واردات الحبوب غير القانونية. وبالتزامن مع هذه الإجراءات شددت السلطات الهندية لوائح التصدير على الترامادول.

 

وبعد هذه الحملة الشديدة بفترة قليلة، بدأت شركة أفيو للأدوية في تصدير حبوب جديدة تعتمد على تابنتادول، وهو مركب من مواد أفيونية أقوى، ممزوج بمواد لارتخاء العضلات يسمى كاريزوبرودول.

 

ويحذر المسؤولون في غرب أفريقيا من أن مصدري المواد الأفيونية يستخدمون هذه الأقراص المركبة الجديدة كبديل للترامادول، وللتهرب من الحملة الشديدة ضدهم.

 

وفي مصنع أفيو كانت هناك صناديق من الأدوية المركبة مكدسة فوق بعضها البعض، حتى بلغ ارتفاعها السقف تقريباً. ووضع المدير فينود شارما، على مكتبه مجموعة من العبوات وراء بعضها تحتوي أقراص الكوكتيل (تابنتادول-كاريزوبرودول) التي تسوقها الشركة تحت مجموعة من الأسماء ومنها اسم تافرودول، وهو الأكثر شعبية.

 

وكان هناك أيضاً عقاقير تيماكينج وسوبر رويال-225. وكشف شارما لفريق بي بي سي السري، أن "العلماء" الذين يعملون في مصنعه يمكنهم مزج أدوية مختلفة "لصنع منتج جديد". وفق التحقيق.

 

وختم التحقيق الإعلامي، أن هذه الشركات تتسبب هذه في أضرار بسمعة صناعة الأدوية في الهند، التي تحقق نمواً سريعاً نظراً لأنها تقدم أدوية عامة عالية الجودة يعتمد عليها ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، كما تصنع لقاحات أنقذت ملايين الأرواح.

 

وتبلغ قيمة صادرات الهند من صناعة الأدوية 28 مليار دولار على الأقل سنوياً.

 

وكشف عميل بي بي سي السري، الذي لم نكشف هويته حفاظاً على سلامته، تفاصيل اللقاء مع المدير شارما، وقال: "يقدم الصحفيون النيجيريون تقارير عن أزمة تجارة المواد الأفيونية طوال 20 عاماً، ولكنني أخيراً وجدت نفسي وجهاً لوجه مع أحد من يصنعون هذه الأزمة في أفريقيا، إنه أحد الذين يصنعون هذا المنتج ويشحنونه إلى بلداننا في حاويات. وكان يعلم حجم الضرر الذي يسببه، لكنه لم يهتم بل واعترف بأن ما يقوم به هو مجرد عمل تجاري".

 

وفي تامالي في غانا، تابع فريق بي بي سي قوة المهام المحلية في إحدى المداهمات الأخيرة التي أسفرت عن العثور على المزيد من عقار تافرودول الذي تنتجه شركة آفيو. وتجمعوا في حديقة محلية مساء نفس اليوم، لحرق المخدرات التي صادروها.

 

وقال زيكاي، أحد قادة المجموعة، وهو يقوم بسكب البنزين على العبوات لحرقها: "نحن نحرقها في مكان مكشوف ليراه الجميع، لنرسل رسالة إلى البائعين والموردين: إذا أمسكو بك، فسوف يحرقون مخدراتك".

 

ولكن رغم كل هذه الجهود وإحراق المئات من عبوات تافرودول، إلا أن "البائعين والموردين" في أعلى سلسلة التوريد على بُعد آلاف الأميال في الهند، ينتجون ملايين العبوات الأخرى، ويحققون ثروات طائلة بفضل الأرباح الناجمة عن معاناة الآخرين. وفق "البي بي سي"  

وكالة المنارة الإخبارية

على مدار الساعة