
_وكالة المنارة الإخبارية: كوركل: قرية "سيو" على جانب النهر الذي يقع بين موريتانيا والسينغال، وتقع على الطريق الرابط بين عاصمة ولاية كوركل "كيهيدي" ومقاطعة مقامه الحدودية، هي سيو، كما يطلق عليها السكان المحليين، و"سيفه" كما تعرف اداريا، التابعة لمقاطعة كيهيدي وتبعد عن هذه الأخيرة 60 كلم في الجنوب الشرقي، عرفت بالفقر المدقع، والفقر كما عرف في الأصل من قبل الأمم المتحدة في عام 1995 بأنه "حالة تتسم بالحرمان الشديد من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي والصحة والمأوى والتعليم".
ذلك ما يعتمد ليس فقط على الدخل ولكن أيضا يعتمد الحصول على الخدمات'"...
هذا ما تلاحظه في اول زيارة لهذه القرية التي يقطنها مجتمع "افلان' وكل شيء في حياة هؤلاء القرويين طبيعي، حيث يصنعون أعمدة الأخصاص والمنازل، كما يصنعون أيضا أعمدة الأسقف.
أما نمط المعيشة فهو بسيط جدا،ليلا وجبة "باسي" ووجبة عزيزة عندهم تدعى "أدر"(ينهم الدال،وفتح الراء) كما تعرف في ولايات الضفة بشكل يومي،اغلب المواد الغذائية طبيعية ومن إنتاج مزارعهم التي لا يبحثون عن دعم لها ولايهتمون بذلك، ينتجون اغلب الفواكه مثل "الدلاح" والقمح أحيانا وانواع الحرث المختلفة.
يتميزون سكان "سيو" وبعض القرى المحاذية بضفة النهر بالاعتماد على النفس، لا يحدثونك عن الدولة وتدخلاتها لأنها شبه غائبة كما تلاحظ من حديثهم عنها.
يتميز مجتمع الفلان بلغة "البولارية" ويعرفون بثروتهم الهائلة، وبظروف معيشية بائسة لأقصى درجة.
وتقوم النساء الفلانيات بأجزاء كبيرة من العمل اليومي ،مثل ترميم البيوت، غسل الملابس بشكل يومي من النهر الذي يحبونه كحبهم للآباء،و إلى عمل الحرث ومتابعة الحيوان الى غير ذلك من الأعمال القاسية.
يملك الفلان مئات الآلاف من الأبقار ذات القرون الكبيرة، إضافة إلى الأغنام المعروفة بانضال أي أغنام، وأن كان البعض لا تظهر عليه نعم تلك الحيوانات...
وفي الغالب فإن الفلان يعيشون سكان هذه المناطق المنتشرة على نهر السينغال تحت الأشجار وفي اكواخ لا تقي حرا ولا بردا رغم الثراء الهائل لبعضهم.
ويقول أحد رجال الفلان المثقفين في حديث لـ "وكالة المنارة الإخبارية" إن أهم ما ينبغي التركيز عليه في مناطق نهر السينغال هو تغيير العقليات وإقناع السكان بالاستفادة من الأموال الهائلة التي رزقهم الله".
ويضيف الرجل الذي يعمل اماما لاحد مساجد قرية "سيو" "نحن قرية عتيقة منذ عشرات السنين لم نشاهد تدخل للسلطات الادارية، بفتح المجال أمام الشباب للاقلاع عن حب النهر" وطالب الرجل في حديثه الشيق عن عادات افلان، وحبهم للبقر " نطالب الدولة بدخول الكهرباء، الذي لم نجده بأم الأعين قريبا منا في طريقه الى مقامه، في وقت نجد قرية مجاورة لنا من السينغال لديها كل مقومات الحياة، من خدمات الاتصال، والكهرباء ومستشفى راق يغادر إليه السكان كل صباح ومساء".
في هذه الأرض المعطاء دأب السكان على أن يكونوا فقراء منذ مئات السنين ولا يزالون كذلك، وإذا كانت قرية سيو، ببلدية "تيفندى سيفه" التي تبعد جنوب سيو 5 كلم وهي المركز اداري، تأوي آلاف الأسر الفقيرة، فإنها أيضا تأوي آلافا أخرى من الأثرياء الذين يقبعون تحت خط الفقر...
سكان سيو، أو سيفه لهم أخلاق عالية، وانفتاح على الآخرين رغم الحال والفقر الذي يعشعش في كل منهم للأسف الشديد.
الاطفال والبحر .....
_ الاطفال في قرى النهر هذا لا يمنعهم أيا كان من البحر في الصباح الباكر وفي المساء أيضا، ودأب هؤلاء على النهر والعمل فيه والسباحة بشكل جنوني.
قوة شرائك السينغال المجاورة.....
شرائك السينغال التي تعمل بشكل رسمي في قرى الضفة قرية سيو تميزت كذلك بضعف الشرائك الوطنية، وأصبح السكان يستعملون بشكل رسمي شرائك السينغال، رغم عدم الانفتاح على العالم نظرا لضعف التعلم، ولكن اغلب سكان القرية انشغل في وسائط التواصل الاجتماعي عن طريق شريحة سينغالية، والزائر لهم سيعمل بشريحة سينغالية للاتصال بشبكة الإنترنت، أو يخسر جل عمله، اغلب السكان يستعمل شريحة سينغالية للاتصال اولا، وللتواصل مع الاحبة بوسائط التواصل الاجتماعي الأخرى.
تعتبر قرية سيو (السهل الممتد على النهر السنغالي) من أقل مناطق الوطن استفادة من خدمة التعليم، حيث تنتشر الأمية والجهل بين جل سكانها ويتراجع عدد الأطفال المتمدرسين فيها إلى درجة تنذر بالخطر وتدعو إلى القلق، رغم أن المدرسة الابتدائية تم افتتاحها مطلع ستينيات القرن الماضي.
ويقول القائمون على التعليم في ولاية القرية إنهم يجدون صعوبة كبيرة في الترجمة حديثهم للتلاميذ، كما يلاحظون العزوف الواضح عن المدرسة، وذلك نتيجة لصعوبة التأقلم مع بيئة المنطقة.
عدم نضج الآباء والأمهات للتعليم.....
ومن الأمور التي ضاعفت من معاناة أطفال القرية وجعلتهم يتركون مقاعد الدراسة في سن مبكرة جدا عزوف الآباء عن تدريس أبنائهم أو منعهم بالقوة ـ أحيانا ـ من متابعة الدراسة وإرغامهم على مزاولة أعمال تكبرهم سنا وتتجاوز طاقاتهم وقدراتهم المتواضعة...
الأسباب...
كما يرجع كثير من المراقبين والعاملين في المدارس ان من أسباب التسرب المدرسي في القرية، تدني مستوى التعليم وعدم تمدرس الأطفال في المنطقة والمناطق المجاورة، إلى أسباب عدة، من أبرزها عدم توعية السكان وتثقيفهم حول أهمية التعلم وضرورة تدريس الأطفال، إضافة إلى الفقر المدقع الذي يخيم على جل ساكنة المنطقة ويرغمهم على تشغيل الأطفال وهم في مقتبل العمر.
كما أن اعتماد أكثر السكان على الزراعة والتنمية الحيوانية وما تحتاجه هاتان المهنتان من وقت وجهد جعل جميع أفراد العائلة ـ بما فيهم الصغار ـ يتقاسمون الأدوار ويزاولون أعمالا عجز عن تحملها الكبار ...
كما أن رابطات آباء التلاميذ غائبة أو مغيبة كما يعتقد البعض، ويلاحظه البعض الآخر... ومهما قيل فإن هذه القرى الممتدة على الشريط المعبد الرابط بين مقامه وكيهيدي، لهم حكايات رائعة، مع الفقر والبطالة في اغلب الشباب، مع أن هناك بنايات جديدة لجمع مدارس، ومستشفى عصري، وبناء سوق الماشية الذي اشرف على نهايته، مع أن بناء مؤسسات عمومية لا رقابة عليه رغم أهمية متابعته لينفع الناس ويمكث في الأرض....
موفد: وكالة المنارة الإخبارية



